الى شباب الاسلام
الى أمل هذه الأمة
لا تكن من الذين ينتمون الى الاسلام انتماء
العائلة و انتماء الاسم ولا تجد بعد هذا فارقاً بينه
وبين شاب لا تمت روحه إلى الإسلام بصلة.
الشباب المسلم هو الذي يسمو بنفسه إلى أن
يكون مسلماً حقاً, فيقرأ القرآن المجيد بروية,
ويجيل فكره في آياته الزاهرة, حتى يتملأ حكمه
البالغة, ومواعظه الرائعة, قال الله سبحانه
وتعالى:
( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ).
والشاب المسلم هو الذي يؤمن بالله من الشرك
أو ما يشابه الشرك, فيعتقد من صميم قلبه أن
الله وحده هو المتصرف في الكون, فلا مانع
ولا ضار إلا هو, وبهذه العقيدة السليمة يحمي
نفسه من أن تلابسها مزاعم مزرية, ويصغر في
عينه كل جبار, ويهون عليه احتمال المصاعب,
واقتحام الأخطار في سبيل الجهاد في الإصلاح
والدعوة إلى الحق.
والشاب المسلم هو الذي يدرس سيرة رسول
صلى الله عليه وسلم دراية يرى بها رأي العين
أن تلك المكانة البالغة المنتهى من الحكمة وقوة
البصيرة, والنهوض بجلائل الأعمال مختلفة
الغايات, مكانة لا يدركها بشر ليس برسول وإن
بلغ في العبقرية الذروة القصوى, وأنفق في
السعي إليها مئات من الأعوام أو الأحقاب.
والشاب المسلم يستجيب لله فيما شرعه من
عبادات تقربه إليه زلفى, كالصلوات الخمس
بقلب حاضر, ويؤديها ولو بمحضر طائفة لم
تذق حلاوة الإيمان, فتنظر إلى المستقيمين
بتهكم وسخرية, وضعفاء الإيمان من شبابنا لا
يقومون إلى الصلاة في مجالس الملاحدة وأشباه
الملاحدة من المترفين يخافون أن يسخروا منهم
أو تزدريهم أعينهم.
والشاب المسلم يعتز بدين الله, فيدافع عنه
بالطرق المنطقية, ويرمي بشواهد حكمته في
وجه المهاجم له, أو ملقي الشبه حوله, وإن كان
ذا سلطان واسع وكلمة نافذة, وضعفاء الإيمان
من شبابنا تتضاءل نفوسهم أمام أولئك الطغاة,
ويقابلون تهجمهم على الدين بالصمت, وربما
بلغ بهم ضعف العقيدة أن يجاروهم فيما
يقولون, وسيعلم الذين يشترون رضا المخلوق
بغضب الخالق أي منقلب ينقلبون.
والشاب المسلم يذكر في كل حين أن أمد عمره
غير معروف, ويتوقع انقطاعه في كل يوم,
فتجده حريصاً على أن لا تمر ساعة من ساعات
حياته دون أن يكسب فيها علماً نافعاً أو عملاً
صالحاً.
إذا مـا مضى يوم ولم أصطنع يداً * ولم
أكتسب علماً فما ذاك من عمري
والشاب المسلم إذا وكل إليه عمل أقبل عليه
بنصح, وتولاه بأمانة, ذلك بأنه يشعر بأن
الرجال إنما يتفاضلون على قدر إتقانهم
للأعمال, ويشعر بأنه مسؤول عما اؤتمن عليه
بين يدي من لا يخفى عليه شيء في الأرض
ولا في السماء.
والشاب المسلم ينظر بنور الله, فلا يسارع إلى
تقليد المخالفين, ومحاكاتهم في عاداتهم
وأساليب مدنيتهم وإن لم تقم على رعاية
مصلحة, وضعفاء الإيمان يحرصون على أن
يقلدوهم في كل شيء ولو خالف آداب الشريعة,
كمن يمسك السكين باليمين عند الأكل والشوكة
بالشمال, ويتناول بها الطعام مخالفاً لآداب
الشريعة الغراء.
والشاب المسلم يؤمن بأن النظم الإسلامية
الاقتصادية أرقى نظم يسعد بها البشر, ويدركون
بها حياة مطمئنة آمنة, فمن يعتقد أن الربا مثلاً
من الوسائل التي تتسع بها الثروة وينتقل بها
الناس من فقر إلى غنى, فقد وقف بهذا الرأي
محارباً لله ورسوله, ولا يزيده ما يرتكبه في
تحريف نصوص الشريعة عن مواضعها إلا
ضلالاً.
والشاب المسلم لا يجعل أحكام الشريعة تابعة
لهواه وشهواته, فيأخذ في تأويل نصوص
الشريعة والتلاعب بقواعدها حتى يزعم أنها
موافقة لهواه, كمن يحاول أن يكون لسفور
النساء وتبرجهن واختلاطهن بالرجال غير
محظور شرعاً، يزعم هذا لينظر إلى بنات
المسلمين وأزواجهن بملء عينيه، أو يتصل
بهم دون أن يسمع كلمة إنكار.
والشاب المسلم لا يسعى لمجالسة الجاحدين إلا
أن تدعوه إلى ذلك ضرورة, فإن علامة حياة
القلب بالإيمان تألمه من سماع كلمة تهكم أو
طعن في الدين، وقد دل التاريخ والمشاهدة أن
الزنادقة إن لم يطعنوا في الدين أو يتهكموا
بالمؤمنين صراحة لم يلبثوا أن يطعنوا فيه أو
يتهكموا به رمزاً وكناية, ثم إن الملحد أيها
الشاب المسلم لا تجد في خلقه وفاء, ولا في
مودته صفاء, إلا أن تسير سيرته, وتحمل بين
جنبيك سريرته.