وانهالت الدموع عند فراق الصادق المصدوق
فترة عصيبة نفحها المسلمون عند فراق الحبيب المحبوب..
صور من الآلام..
قلوب خفقت.
.وأفئدة حزنت..
أنين الرجال انتشر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم..
بكاء النساء تسمعه هنا وهناك!..
إنه فراق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين وهاهي اللحظات التي قبل الرحيل...
بينما الناس في المسجد يصلون خلف أبي بكر رضي الله عنه إذ بالستر المضروب على حجرة عائشة قد كشف..
وبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه..
فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك...
فنكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف..
فقد ظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخرج إلى الصلاة وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم
فأشار إليهم بيده صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر..
وانصرف الناس من صلاتهم وهم يحسبون أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نشط من مرضه..
لكن تبين أنها كانت نظرة وداع منه صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه..
فقد عاد عليه الصلاة والسلام فاضطجع إلى حجر عائشة رضي الله عنها وأسندت رضي الله عنها رأسه إلى صدرها
وجعلت تتغشاه سكرة الموت..
قالت:"وكان بين يديه ركوة بها ماء فجعل يدخل يده في الماء فيمسح بها وجهه ويقول:
"لا إله إلا الله إن للموت سكرات"..
وكانت فاطمة رضي الله عنها إذا رأت منه ذلك قالت:"واكرب أبتاه"
فيقول لها عليه الصلاة والسلام:"ليس على أبيك كرب بعد اليوم"..
واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ الماء من الركوة ويمسح وجهه
ويقول:"لا إله إلا الله إن للموت سكرات"
حتى نضب يده فجعل يقول:"في الرفيق الأعلى...في الرفيق الأعلى"
حتى قبض فمالت يده الشريفة..
وامصيبتاه...واكربتاه...واحزناه...
أوحقاً توفي الرسول صلى الله عليه وسلم؟!...
أوحقاً انقطع الوحي؟!...
إنها لحظة خفقان القلوب...
وشخوص الأبصار...
وارتفاع الحزن...
وانهمار الدموع...
ولننظر كيف كان حال المسلمين في هذه اللحظة..
هاهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يدخل المسجد ولم يكلم أحداً..
ما باله؟!...
إنه يسرع الخطا لكي يدخل إلى حجرة عائشة...
دخل فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو مغشى بثوب حبرة...
فكشف عن وجهه الشريف ثم أكب عليه يقبله وانهالت الدموع من عينيه...
وأفاض عما يكنه قلبه من الداخل..
.فخرجت دموعه في لحظة الوداع...
وانسبت العبرات الصديقية...
ثم قال: بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة الأولى التي كتبت عليك فقد متها...
ثم خرج رضي الله عنه..
ونحنه الآن في المسجد انظري إلى عمر إنه غضبان مفزوع...
يكلم الناس..
فعم تكلمهم أيها الفاروق؟!
يكلمهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران...
وأنه صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفني المنافقين....
يا عمر على رسلك...
ياعمر فوالله إنك متألم ووقع ذلك النبأ كان له أثر على نفسك...
هل تلومينه يا أختي؟!..
أنا لا ألومه...
لأن ذلك مبعثه الحب...
حب الصادق المصدوق الذي بلغ الرسالة ونصح الأمة..
إن غيرة عمر أيضاً تحطيم المنافقين...
المنافقين الذين اسودت نفوسهم وسقطت شخصيتهم في الوحل...
ويود عمر أن يكون القضاء على المنافقين...
على يد خاتم الأنبياء والمرسلين...
ومازال عمر يتكلم بذلك...
ولنحول أبصارنا إلى زوايا المسجد...
انظري إلى زاوية المسجد...
من هناك؟!...
بعض الصحابة رضي الله عنهم...
ماذا يفعلون؟!...
كأنهم يبكون..
.نعم يبكون حقيقة...
واصحابتاه...واإخوتاه...